بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل إلينا شرعة و
منهاجاً ، و أخرجنا من الظلمات إلى النور ، و أمرنا بالإقتداء بهدي النبي (ص) فإنه
أفضل الهدي ، والإستنان بسنته فإنها أهدى السنن..
كثيرٌ من سنن رسول
الله (ص) أصبحت مهجورةً ، بل أكثر المسلمين استبدلها بما هو أدنى منها ، قال سبحانه
( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )/البقرة آية 61 ، و قال تعالى ( يا أيها
الذين آمنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أمانتكم و أنتم تعلمون ) / الأنفال
آية 27 ، و يكاد من طلب السنن و الآداب و المستحبات لا يجدها إلا في أمهات الكتب
ومصادر محدودة ، و فيها ما هو صعب على كثير من الناس ، في مفرداته وجمله و مقاصده ،
فكان لا بد من اختيار بعض ما تيسر ، مع شئ من التوضيح ، مع محاولة خجولة لتجربة
أولى ، نأمل أن تتبع بأخواتها ، إحياء لسنة الحبيب المصطفى (ص) : " من أحيا سنتي
فقد أحياني ، و من أحياني كان معي في الجنة "/ عوا رف المعارف صفحة
45
و لا بد لمن أراد
الهجرة إلى ربه تعالى ، أن يتخلق بأخلاق الله و رسوله و سنن النبيين و الصالحين ( و
من يخرج من بيته مهاجراً إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله )
النساء آية 100
سنن
النبي (ص) في
المجتمع الإنساني
و كان من أخلاقه صلى
الله عليه و آله وسلم أنه :
خ 1 : خافض الطرف ينظر
إلى الأرض ، و يغض بصره بسكينة و أدب ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء
لتواضعه بين الناس ، و خضوعه لله تعالى .. كأن على رأسه الطير .
خ 2 : يبدر من لقيه
بالسلام ، يبادر إلى التحية لأن السلام قبل الكلام ، و هو علامة التواضع .. و
للبادئ بالسلام تسعةً و ستون حسنة ، و للراد واحدة .
خ 3 : لا يتكلم في غير
حاجة ، إذا وجد مناسبة لكلامه كالنصيحة و الموعظة و التعليم و الأمر و النهي .. و
إلا سكت ، و يتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة ..
خ 4 : تعظم عنده
النعمة ، وإن دقت ، لا يذم منها شيئاً ، فيشكر النعم و لا يحتقر شيئاً منها ، مهما
كان قليلاً ولا يذمها لأنها من الله تعالى .
خ 5 : جل ضحكه التبسم
، فلا يقهقه و لا يرفع صوته كما يفعل أهل الغفلة ..
خ 6 : و يقول : "
أبلغوني حاجةَ منْ لا يقدرُ على إبلاغ حاجته " ،حتى لا يكون محجوباً عن حاجات الناس
، و يقضيها إن استطاع..
خ 7 : يتفقد أصحابه ،
مطمئناً عنهم ..
خ 8 : و يسألُ الناس
عما في الناس ، ليكون عارفاً بأحوالهم و شؤونهم ..
خ 9 : و لا يجلس و لا
يقوم إلا على ذكر ، كالاستغفار و التهليل و الدعاء .. فإنها كفارة المجلس
..
خ 10 : و يجلس حيث
ينتهي به المجلس ، و يأمر بذلك ، فهو أقرب إلى التواضع و أبعد عن هوى النفس .. ، و
يصلي الله سبحانه عليه و ملائكته حتى يقوم .
خ 11 : و يكرم كل
جلسائه نصيبه ، فلا يكون الإكرام على حساب الآخر .
خ 12 : و من سأله
حاجتاً لم يرجع إلا بها أو ميسور من القول ، فإن قدر عليها قضاها له ، و إلا أرجعه
بكلمة طيبة أو دعاء أو نصيحة أو إرشاد .
خ 13 : و لا ترفع
الأصوات في مجلسه (ص) ، أو فوق صوته (ص) أو جهراً ، بل الأدب غض الصوت ، قال الله
سبحانه " واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير "
خ 14 : يترك المراء ،
و المراء هو الطعن في كلام الآخرين بقصد التحقير و الإهانة و لإظهار التفوق و
الكياسة ، و سببه العدواة و الحسد و يسبب النفاق و يمرض القلب .
خ 15 : و يترك ما لا
يعنيه ، فلا يتدخل أو يقحم نفسه فيما ليس له .
خ 16 : وكان (ص) إذا
تكلم أنصت الحضور له ، فإذا سكت تكلموا ، دون مزاحمة ، و أنصت بعضهم لبعضهم الآخر
.
خ 17 : و كان النبي
(ص) ، لا يقطع على أحد كلامه ، حتى يفرغ منه .
خ 18 : و كان (ص) ،
يساوي في النظر و الاستماع للناس .
خ 19 : و كان (ص) أفصح
الناس منطقاً ، و أحلاهم ويقول " أنا أفصح العرب و إن أهل الجنة يتكلمون بلغة محمد
" (ص) .
خ 20 : و كان (ص)
يتكلم بجوامع الكلم ، بما يلزم فلا فضول مضر ، و لا إيجاز مخل .
خ 21 : و سمع يقول : "
بعثت بمكارم الأخلاق و محاسنها " ، و كلما ازدادت أخلاق المرء كلما اقترب من رسول
الله (ص) أكثر .
خ 22 : و كان (ص) أشجع
الناس ، و كان ينطلق إلى ما يفزع الناس منه ، قبلهم ، و يحتمي الناس به ، و ما يكون
أحدٌ أقرب إلى العدو منه .
خ 23 : و كان (ص) كثير
الحياء ، أشد من العذراء في سترها .
خ 24 : و جاءه ملك ذات
يوم و قال : " يا محمد إن ربك يقرئك السلام و هو يقول إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ،
رضراض ذهب ، الرضراض ما صغر و دق من الحصى فقال (ص) بعد أن رفع رأسه إلى السماء "
يا رب أشبع يوماً فأحمدك ، و أجوع يوماً فأسألك " .
خ 25 : و كان يبكي حتى
يبتلى مصلاه ، خشيةً من الله عز وجل من غير جرم .
خ 26 : و كان (ص) يتوب
إلى الله في كل يوم سبعين مرة ، يقول : " أتوب إلى الله "
خ 27 : و كان (ص) إذا
اشتد وجده (الحزن أو الفرح الشديد) أكثر من لحيته الكريمة .
خ 28 : و كان (ص)
يجالس الفقراء و يؤاكل المساكين ، ويصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل
منهم .
خ 29 : و كان النبي
(ص) يرقع ثوبه ، و يخصف نعله ، و يأكل مع العبد ، و يجلس على الأرض ، و يصافح الغني
و الفقير .. و لا يحتقر مسكيناً لفقره .. و لا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو ،
و يسلم على من استقبله من غني و فقير ، و كبير و صغير .
خ 30 : و كان (ص) جميل
المعاشرة ، بساماً من غير ضحك .
خ 31 : و كان (ص) ينظر
في المرآة ، و يتمشط … و ربما نظر في الماء ليتجمل لأصحابه فضلاً عن تجمله لأهله ،
و قال : " إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم و يتجمل "
.
خ 32 : و كان النبي
(ص) يسلم على الصغير و الكبير .خ 33 : و ما خُير (ص)
بين أمرين إلا أخذ بأيسرهما
ولما جاؤه من يقول
أصوم الدهر ولا أفطر وآخر يقول أقوم الليل ولا أنا وثالث يقول ووأنا لن أتزو ج قال
لهم رسول اله إنما أنا أصوم وأفطر وأقوم من الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن
سنتي فليس مني
34 : و ما أكل متكئاً
قط حتى فارق الدنيا ،تواضعا لربه تعالى .
خ 35 : و كان (ص) إذا
أكل ، أكل مما يليه … و إذا شرب ، شرب ثلاثة أنفاس ، فيشرب أولاً ثم يحمد الله
تعالى و يتنفس ، يفعل ذلك ثلاث مرات .
خ 36 : و كان يمينه
لطعامه ، و شماله لبدنه … و كان يحب التيمن في جميع أموره .
خ 37 : و كان (ص)
نظرُهُ اللحظ بعينه ، النظرة السريعة بطرف العين إلى اليمين أو اليسار التي لا تحرج
و لا تُخجل الآخرين ، و كان (ص) يُقسم لحظاته بين أصحابه ، فينظر إلى ذا و ينظر إلى
ذا بالسوية .
خ 38 : و كان رسول
الله (ص) إذا حدث بحديث تبسم في حديثه .
خ 39 : و كان رسول
الله (ص) أكثر ما يجلس تجاه القبلة .
خ 40 : و كان (ص)
لتواضعه ، يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة ، فيضعه في حجره إكراماً لأهله ، و
ربما بال الصبي ، فيصيح بعض من رآه ، فينهاهم (ص) عن ذلك ..قائلا : " لا تزرموا
(تقطعوا) بالصبي حتى يقضي بوله .. و يكمل له الدعاء أو التسمية فإذا انصرف القوم ،
غسل ثوبه .
خ 41 : و كان (ص) لا
يدعُ أحداً يمشي معه إذا كان راكباً ، حتى يحمله معه ، فإن أبى ، قال : " تقدم
أمامي و أدركني في المكان الذي تريد .
خ 42 : و كان رسول
الله (ص) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام ، سأل عنه ، فإن كان غائبا دعا له ، و
إن كان شاهداً زاره ، و إن كان مريضاً عاده .
خ 43 : و خدم أنس
النبي (ص) تسع سنين ، فلم يقل (ص) له أبدا : هلاّ فعلت كذا ؟ أو لمَ فعلتَ كذا ؟ و
لا عاب عليه شئ قط .. فإذا لام نساء النبي (ص) ، قال دفاعاً عنه :" دعوه ، إنما كان
هذا بكتاب و قدر " .
خ 44 : و لقد كان (ص)
يدعو الجميع بكنُاهُم إكراماً لهم ، و استمالةً لقلوبهم : الأصحاب ، و يكني من لا
كنية له ، و النساء ، اللاتي لهن الأولاد و اللاتي لم يلدن ، و الصبيان ليستلين
قلوبهم .
خ 45 : و كان (ص) يؤثر
الداخل عليه بالوسادة التي تحته ، يقدمها له إكراماً لضيفه و طمأنةً لنفسه ، فإن
أبى أصر عليه حتى يقبل .
خ 46 : و كان رسول
الله (ص) إذا أخذ في طريق ، ذهب فيه، رجع في غيره ، ذهب في طريق و رجع من آخر ، و
هكذا كان بفعل حفيده مولانا الرضا (ع) و يأمر بفعله .
خ 47 : و كان (ص) يخرج
بعد طلوع الشمس ، لأن الجلوس للتعبد و الدعاء و الذكر بين الطلوعين أفضل من طلب
الرزق .
خ 48 : و كان (ص) إذا
دخل منزلاً قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل ، قعد عند أول مكان يجد من طرف دخوله
.
خ 49 : و ما كلم رسول
الله (ص) العباد بكنه عقله أبدا ، وقال : " إنا معاشر الأنبياء ، أمرنا أن نكلم
الناس على قدر عقولهم " و لم يكن هذا منه (ص) إلا لحسن خلقه و تواضعه و رأفته
بالناس .
خ 50 : و كان (ص) كثير
الضراعة و الابتهال إلى الله تعالى ، دائم السؤال من الله تعالى أن يُزينه بمحاسن
الآداب و مكارم الأخلاق ، و كان يقول في دعائه : " اللهم حسن خُلقي " ويقول : "
اللهم جنبني منكراتِ الأخلاق " .
خ 51 : و كانت في
النبي (ص) مداعبة ، و ذلك رأفةٌ منه لأمته ، لكيلا يبلُغ بأحدٍ منهم التعظيمُ له ،
فلا ينظرُ إليه ، حذراً من المبالغة في التقديس ، فيقولون قولاً عظيماً ، نعوذ
بالله تعالى ، كما هو شأنُ النصارى في عبدالله عيسى بن مريم ، و كان (ص) ليُسرُ
الرجل من أصحابه إذا رآه مغموماً بالمداعبة